نجم سطع وكأن شيئا لم يكن ! -هيثم محسن الجاسم

الخبر / ( أديب عراقي من الناصرية يفوز بجائزة عربية )

عمار نعمة جابر مبدع عراقي ومن أبناء مدينة الناصرية فاز بجدارة على منافسيه في مجال المسرح . ماذا بعد أكثر من ذلك أصالة وانتماءا وطنيا . ومن وجعي أسال كل معني بالثقافة في تلك المدينة المبتلاة ماذا أصابكم حتى بتم لا تسمعون ولا تفقهون شيئا عن معاني يجسدها فوز احد أبناء مدينتكم بجائزة عربية ويرتقي سلم المراتب الأولى !

وأوجه كلامي لكل من اختار أن يكون مسؤولا حكوميا أو اجبر أو جاءته عطية من حزبه أو مرجعيته ، أنا تكون ، وراح يمارس اللامبالاة والخيلاء بقصديه أو بجهل بحق رجال الأدب والفكر ، وكأن عطاء العراقي الثر لا يرقى لعمل بالوعة مجاري في شارع نتن ، ولا يعي أن انجاز أي مبدع من أبناء الناصرية يتضاءل دونه أي عمل خدمي كان أو أداري ، لأنه يحمل صفة الخلود لا مثل مشاريع الحكومة الفاشلة والأمثلة كثيرة التي توأد في رحمها بسبب الفساد .

و كلمة جادة أقولها لكل مسؤول عتيد صلف الوجه ينظر لإبداعنا ومبدعينا بنظرة استحقار وإفلاس ليعلم أن العراق بنته عقول أجيال وأجيال كلمة .. كلمة وليس طابوقة.. طابوقة ، لأنه عراق الفكر والعلم ، وليس الحجارة الصماء نثار تراب في ريح صرصر لا تعني سوى أطلال خاوية لجبابرة الزمان والطغاة . ذهبت أور وبابل وبقي التاريخ يسجل بفخر أثار الحضارة والقيم الإنسانية العليا التي خلفها رجالها من مفكرين وأدباء وكتاب .

وأفصح أكثر أننا نعيش في كنف حكومات ، ميئوس من شفاء عللها وهي لا تعي المعاني التي تجسدها الجائزة في الحقل الإبداعي ، والدليل على ذلك رد فعل الحكومة على خبر فوز مبدع ناصري عراقي بجائزة إبداعية كبيرة في مسابقة دبي العالمية. وأقول ماذا لو كان مسؤولا حكوميا فاسدا سارقا للمال العام ؟ ألا تقام الدنيا دفاعا واستبسالا لدرء التهمة عنه وتعرفون انه فاسد وخائن للأمة كونه ينتمي لفصيلة نادرة من السياسيين مثل حفنه الوزراء الهاربين من محكمة الشعب العادلة. ولكنها العزة بالإثم وهو عرق دساس فينا أمة العرب ولن يستطيع الإسلام بقوته أن يقطعه وظل خالدا يتناسل من جيل لجيل حتى بات كجذع نخلة أجرب وخشن لا يسر الآخرين من أبناء ادم بالرغم من العولمة وتقارب الحضارات و توفر وسائل الاتصال الخارقة .

وأتساءل هل تجدون في عمل هذا المبدع الرائع لهوا ولعبا وعملا دنيويا منحرفا وشاذا؟

لا باس .. وماذا لدى النخبة السياسية في حكومة الشراكة من بديل لتلك الأعمال الإنسانية الإبداعية لتقدمه للعالم ؟ غير فضائح الفساد والإرهاب الطائفي ، والإفلاس السياسي ، أو برامج الأحزاب الانتخابية ، أو أفكار تفقعن فيها صحراء العقول ، أو تبرزنها أمهات الأفكار ، والتي باتت رائحتها تزكم الأنوف من عفونتها ، لغرابتها ومجها الشعب لتعسر هضمها لأنها تصور الخطأ صحيح والصحيح خطأ لازدواجيتها .

أم أن الإبداع ورجاله يصف بمضيعة للوقت !! كون أولويات رجال الحكومات توفير قوت الشعب ، اقصد البطاقة التموينية البائسة أم رفاهيته وتنفيذ تنمية خارقة تجعل البلاد قاب قوسين أو أدنى من اليابان أو أمريكا في فترة زمنية وجيزة .

إن الجائزة .. والله .. تعبق برائحة الإبداع ، المنبعث كعبق النرجس والياسمين الفواح ،  من جباه العراقيين الاصلاء ، ولا تشمه أنوف معقوفة ، كمناقير الدجاج لا تلتقط إلا التافه من الغذاء الدنيوي البائس ، ليغذي أبدان مريضة ، وهذا غذاء الروح نزف من عروق أبناء العراق للعالم ، وهو كذلك دائما ، كان وسيبقى ولن تقطعه ظلال القامات الفارغة ، والتي تحاول يائسة أن تحجب نور الشمس ، والحقيقة عن شعبنا الذي أدرك من الوهلة الأولى بؤس المرحلة منذ أن انيطت حقيبة وزارة الثقافة لإرهابي همجي ، حيث تعامل إلى اليوم كوزارة بائسة مستحقرة استهلاكية مفلسة لا تدر شيئا على أحزاب السلطة .

وربما أقول أكثر من وجع السياط ، إن نجاح الكاتب الشاب عمار نعمة جابر ، مفخرة لنا ولأهله ممن ربوه وبنوه ليكون برجا عملاقا تمسد جبهته الشمس ليصبح قبسا منيرا يضيء سماء العراق .