
إلى أين قذف بنا عمار نعمه جابر ؟
إلى ( قاع ) ..
وأي ( قاع ) ذاك الموبوء ب ( الجرب ) ، وتلك السفينه التي تسير بركابها دون أن يدروا إلى أين ؟ ما هذه الشخصيات التي تلامس مواجعنا وجراحاتنا ؟ وما هذه الثنائية بين عالم القاع ( اسفل السفينه ) والعالم العلوي ( أعلى السفينه ) في علاقة حضور وغياب متوازنة قلما نجدها في مسرحياتنا العراقية ؟ ما هذه اللغة التي تنساب وتهدر كما هو هدير البحر الذي يرافق مسيره السفينة التي تعني مسيرة الحدث الدرامي في النص ؟، وما تلك العبه الفريدة التي تلعبها الشخصيات ( لعبه الانتظار ) في محاولة لكتله قصة ( القاص ) التي يفكر بها منذ سنوات ولكنه لم يكتب فيها أي شيء حتى ألان ؟ وكأنه يريد أن يكتب قصة ( القاع ) ، الترقب الذي يخيم على أجواء الحدث والشخصيات ، هل هو استحضار لعوالم ( كافكا ) المرعبة ؟ أم انه رؤية ( كافكويه ) لمستقبلنا الذي ضاع من بين أيدينا ؟
الباب في ( القاع ) ما هو
بوابة الجحيم ــ بوابة الفردوس بوابة السفينة ــ بوابة الشفاء ــ بوابة الوهم
لماذا خرج ( القاص ) ولم يخرج الآخرون في مفارقه كبيرة نكتشف فيها أن الباب كان مفتوحا ، وكان عمار نعمه جابر يخفف بهذه المفارقة الصاعقة الكبرى التي ستحل بنا قراء / متلقين ، حيث يعود القاص ونعرف أن العلم العلوي ( سطح السفينه ) اكذوبه قضت عليها الجرذان التي جلبها القاص إلى العالم السفلي بعد أن قضت على ركاب السفينة بالطاعون .
كنت أظن أن عمار نعمه جابر سيجعل المياه تتدفق في ( قاع ) السفينه بعد أن نكشف حقيقة الجرذان ليحقق صاعقة كافكويه يقضي بها على العالم القائم ويستلّ منا كل أمل بالمستقبل ، بل كنت أظن انه حين يقوم بذلك سيلمّح إلى ( الطوفان ) ربما يأتي قريبا” ليطهر ( سفينتنا ) من ( جربها ) ، بل كنت أظن أن هدير البحر الذي يرافق الحدث على مدار النص سيتوحد مع الشخصيات ( كونه شخصيه فاعله في النص ) عندما يقتحم ( قاع ) السفينة ، لكن عمار لم يفعل شيئا” من هذا .
المناخ المسيحي الذي وضع نصه فيه _ خاصة شخصية القس _ ربما كانت ميزه تمنح نصه بعدا” عالميا” وان كنت افضل أن لاياخذ القس هويه دينيه محدده ليفتح بذلك أفق التأويل والتوقع .
الخلاصة …
لقد وضع عمار نعمه جابر _ بدون مبالغه ـ قلمه إلى جانب أقلام نادرة جدا” في ( مسرحنا العربي ) وليس العراقي .. لقد دهشت ، وصدمت ، وترقبت ، وضحكت ، وأصبت بذعر ، وصرخت أخيرا” .. هذا ( قاع ) عمار نعمه جابر .. رؤية ( كافكويه ) لمستقبلنا .. نأمل أن لا تتحقق …
الناصرية
19\ أيار \ 2003 م