عمار نعمه جابر “رماد” الاعتذار أو الدمار-حسام مسعد – مصر

الكاتب عمار نعمه جابر يطرح نص مسرحي جديد بعنوان «رماد» يستهله بضيفين في ضيافة ثالث ، يخبرانه بأن زوجته التي كانت محتجزة بالمشفى قد ماتت ، وطلبت في وصيتها حرق رفاتها ، وأنها كانت تعاني آلام جسيمه ، من حياتها معه ، بل إنها طلبت ان لا يطلع علي وصيتها ، الا أمام القضاء ، وطلبت ايضا تسليمه العلبة ، التي بها رماد جسدها المحترق ، كي يطلب زوجها الصفح والاعتذار أو ليذهب للجحيم .

إن عمار نعمه جابر لم يسوق لنا نص يحمل فكرة سطحيه ، بل سطر لنا نص مسرحي عميق المضامين ، موجز في حواره ، بليغ في إيقاع هذا الحوار المتدفق . بل كان شديد التوفيق حين اختار عنوانا للنص (رماد) وكأنه يخبرنا بأنها نهاية الحياة ، او أنها نهاية العطاء ، أو انه ككاتب يعاني من التدابير الوقائية للحجر الصحي المفروض علينا ، والذي صرنا بالمنازل نراقب زوجاتنا عن كثب ، فخلق ذلك لدي الكاتب إحساس بأن الزوجة تحترق جسديا ونفسيا من أجل إسعاد زوجها ، الذي لا يبالي برغباتها وطموحاتها البسيطة .

الا انني أري أن عمار نعمه جابر قد قصد مضمون مضمر في النص ، وهو العنف التي تتعرض له الأنثى في مجتمعاتنا العربية ، والنظرة الذكورية للأنثى ، التي جعلتها في سبيل ان تتوائم بيولوجيا مع هذه النظرة الذكورية الغرائزية ، ان تتمني ان تتخلص من جسدها ، الذي يشكل لها نقطة ضعف ، تتعرض للإيذاء المعنوي والمادي .

إن اختيار شخصيات النص من ثلاث شخصيات هي الاول والثالث (الضيفين أو الرسولين او المستنكرين )و(الثاني) الزوج  ، وكأن عمار جابر يريد أن يسترق القارئ في مشهد واقعي ، يحمل مضامين عديده تتحول في النهاية الى أننا نري الشخصيتين الأول والثالث ، كأنهما الملكين ناكر ونكير ، يحاسبان الزوج علي ما فعله بزوجته ، ويحذرانه ، أما ان يعتذر لها في صورة رماد جسدها المحترق ، واما ان يذهب للهلاك .

إن الفلسفة التي يضمرها النص ، تتلخص في أنه هناك اجساد تحترق من اجلنا ، لكننا نظن أن احتراقها هذا امر مألوف ، لا نكترث له الا بعد ان يصير رمادا ، كالقول الشهير الصحة تاج علي رؤوس الاصحاء لا يعرفه سوي المرضى .

لقد قدم الكاتب عمار نعمه جابر نص موجز الحوار ، لكنه عميق يحمل مضامين مضمرة ،  لا يعيد قراءتها الا قارئ تفكيكي ، يبحث عن الحضور والغياب في النص .

13/4/2020