
تجربة ثانية تصنعها ( جماعة الناصرية للتمثيل) يومي 13 و14 -1-2017 بنص الكاتب المسرحي عمار نعمة (مفتاح الفرج) وأخراج الدكتور ياسر البراك ..
هذه التجربة التي اختلفت تماما عن النسق المسرحي التي تجاوزت الكثير من الحدود في التجارب المسرحية المعروفة , من ناحية الفكرة المتشظيه على مساحة وطنية – أنسانية لامست القهر البشري اليومي الذي يعيشة الانسان العراقي اليوم .. بل هي توليف منظم وذكي كما ظهر في خطاب العرض من مرتكزات المسرح التسجيلي والوثاثقي مع اختلاف الوسائل .. أعتمد الدكتور البراك في انتاج عرضه المسرحي على قصدية التعامل مع الجمهور والممثل بأن واحد اللذان شكلا ثنائية تحكمت هذه الثنائية بتدفق الافكار وسردها لفظاً وأيماءاً مما أوجد جدلية استطيع أن أطلق عليها ( جدلية العرض المستمر ) .. التي اختلفت تماما عن المحاكاة الارسطية والبرشتيه التي ترى المتحرك داخل الذات .. فالمتحرك في العرض هو الممثل الذي يستفز ويستلب بين الحين والاخر ذات الجمهور ووضعه أمام علامات استفهام وردود فعل بأعتبار أن الجمهور هو ركيزة العرض وهو حاضنة لخطاب العرض .. هنا أبتعد البراك عن تاثيث المسرح المفتوح بل أنحاز العرض الى مسرح فقير غني بالايماءة وحركة جسد الممثل وتلاشي جدران الوهم المسرحي الذي به اصبح المكان متحركا وواعيا أمام الجمهور .إن أختزال الحكاية على وفق المنطق الروائي هو أن يجد الجمهور متون حكائية متعدده تماهت وتطابقت مع البناء الخارجي لشكل الممثل ( الازياء) حيث وظّف المخرج الزي بسابقة فريده تجردت عن الزي المسرحي الذي يتمحور على الشكل المسرحي المألوف وتعداه الى عمق الشخصية وتأريخيتها .. فكل شخصية اصبحت دلالاتها الفكرية من خلال الزي وملحقاته التي استخدمها الممثل طيلة زمن العرض. هذا المنحنى هولأسقاط الغموض والتشفير المركب كون العرض خاطب جمهورا أتى من عمق الشارع والمقهى والجسور والاسواق والمارة ..
إن اختيار المخرج لفضاء مفتوح هو قصد لقلب المعادلة ما بين مكان العرض والجمهور .. فتقصّد المخرج أن يذهب بعرضه المسرحي الى الجمهور وليس العكس وهذه من التجارب الصعبة والمركبة جدا حيث واجه العرض شارع السلطة – وهنا أعني سلطات الافكار المختلفة الميول والأتجاهات.
ومن خلال هاتين التجربتين برزت بعض المرتكزات التي تؤسس الى تفاعل كبير من أن يكون المسرح مكانا منبريا مؤثرا في المجابهة والتغيير ومنها:
1- أشتغال المخرج مع مجموعة شكّل لها المسرح هاجسا جماليا على وفق التجارب المعملية المختبريه التي قام بها المخرج لفترات زمنية طويلة.
2- تبلور الطاقات الشابة الواعدة ومنها العنصر النسوي لأيجاد ثقة أدائية بالعرض.
3- إختزال الانتاج المسرحي المبالغ به وتوفير عناصر العرض المرئية بأقل تكلفة أنتاجية الامر الذي يلعب الانتاج الفني اليوم دورا كبيرا لتأسيس عرضا جماليا مبهرا.
4- ركز العرض لمفهوم العمل الطاقمي الذي نرى به المؤلف ممثلا .. وهذا ما كان لدى المبدع عمار نعمة جابر الذي وظّف جسده الرشيق لأنتاج علامات وفواصل وأفكار نقدية لاذعه وهادفة ومبتكرة.
5- وثوق الجمهوربالمسرح بأعتبارة ( ذات فنية وجمالية عارفة) بالهم الذي يعيشه الجمهور نفسه .
6- أيجاد المناخ النقدي والتحليلي للجمهور بنفس مكان وزمان العرض كون الجمهور بمسرح المقهورين يعيش التجربة أما الممثلين فهم ناقلين للتجربة .
7- أن تواصل العروض في المحافظة هو أيقاظ للحس الثقافي والمعرفي ,بل رسالة واضحة المعالم بأعتبار الثقافة المسرحية بكل اشكالها هي خطاب فني وجمالي تهدف الى التغيير بأتجاه الأنساني ..
تحية حب وتقدير للمقهورين في العرض .. ومحبة متواصلة للمؤلف المتألق عمار نعمة جابر والى راعي المقهورين المخرج المبدع الدكتور ياسر البراك ..
_