يدخل رجل 1 يرفع قطعة قماش بيضاء على خشبة صغيرة ..
يدخل المسرح مهرولا وهو يصرخ ..
رجل 1 : أنا رفعت راية الاستسلام .. رفعت راية الاستسلام ..
يتحرك إلى مقدمة المسرح ..
رجل 1 : أنا مستسلم .. أنا مستسلم ..
يتحرك إلى يمين المسرح ..
رجل 1 : هذه رايتي .. بيضاء .. أنا مستسلم ..
يتحرك إلى يسار المسرح .. يسقط ثم يقوم .. يلوح برايته ..
رجل 1 : أنا أرفع رايتي .. لقد اتخذت قراري .. لقد استسلمت ..
يعود إلى منتصف ..
رجل 1 : من أجل هذه اللحظة .. فكرت كثيرا .. تألمت كثيرا.. لقد بكيت كثيرا …
رجل 1 يبدأ بالنحيب والبكاء .. بصوت مرتفع ..
يدخل رجل 2 .. ينظر إلى رجل 1 يبكي ..
رجل 2 : ( يخاطب رجل 1 ) ما لذي يبكيك يا هذا .. ؟
رجل 1 : ( بحزن ) لقد استسلمت ورفعت رايتي البيضاء .. انظر إليها .. ها هي .. انظر ..
رجل 2 يهز يده مستهزئا .. ثم يخرج ..
رجل 1 😦 ينادي خلف رجل 2 ) لماذا لا يريد أحد أن يعرف أن رايتي هذه لم تأتي بسهولة .
لقد درست كل ما حولي من معطيات .. وظروف .. وإشكاليات ..
لقد مارست على ذاتي وروحي .. أشكالا من الضغوطات والإذلال والقسوة ..
آه .. كم تتألم روحي لهذا القرار .. ( يصرخ بأعلى صوته ) آه ….
يدخل رجل 3 .. ينظر إلى رجل 1 وهو يصرخ بأعلى صوته ..
رجل 3 : ( يخاطب رجل 1 ) ما لذي يجعلك تصرخ بأعلى صوتك يا هذا ؟
رجل 1 : ( بألم ) أنا أصرخ من هنا ( يشير إلى صدره ) من تحت ..
رجل 3 : تصرخ من تحت ! أنا أرى أنك تصرخ من فمك فقط .. لا من تحت !
رجل 1 : (غاضبا ) انتم لا تريدون أن تفهموا .. أنا استسلمت ، رفعت رايتي البيضاء ..
افهموني .. إن هذا يعني الكثير .. الكثير جدا ..
رجل 3 : ( مستهزئا ) يصرخ من تحت ، لأنه رفع رايته البيضاء ..
(يضحك ثم يهز يده ويخرج )
رجل 1 يدور حول المسرح .. وهو حيران في أمره ..
رجل 1 : ( يحدث نفسه ) تشاطرك الأماني .. يقودك الأمل .. تضع لنفسك هدفا ..
تسير نحوه ألف خطوه .. تبذل عمرك وأيامك لأجله .. ليس من السهل
أن تقرر الاستسلام عن هدفك .. وتقر بهزيمتك .. وتعود لتهدم كل ما بنيته
وترفع رايتك البيضاء .. ذليلا تعلن للجميع أنك مهزوم .. ضعيف .. واهن ..
آه .. كم أحتاج لكي أبدأ من جديد .. كي أعرف من أين أبدأ ..
آه .. وأكثر ما يؤلمني أن جميع من حولي لا يشعرون بذلك ..
يدخل رجل 4 رافعا راية بيضاء .. يمشي بخطى مثقلة .. مطأطأ الرأس ..
ينظر رجل 1 إلى رجل4 ..
رجل 4 : هذه رايتي .. رايتي بيضاء .. أنا مستسلم ..
رجل 1 : ( فرحا ) أهلا .. أهلا بك .. أنا مثلك رفعت رايتي البيضاء .. انظر ..
أنا مثلك مستسلم .. أنت تشبهني .. نعم .. نحن نشبه بعضنا .. نعم ..
رجل 4 : ( ينظر إلى رجل 1 محاولا أن يقلد صوته ) أنا مستسلم .. هذه رايتي ..
رجل 4 ينفجر ضاحكا ويتقدم باتجاه رجل 1 ..
رجل 1 : ( غاضبا ) أنت تستهزئ بي .. !
رجل 4 : ( يعطي الراية البيضاء لرجل 1 ) خذ .. هذه راية بيضاء ثانية لك ..
قد تحتاج لها في حملتك .. في الاستسلام .. رايتين أكثر تأكيدا .. (يضحك )
رجل 1 : ( يأخذ الراية البيضاء الثانية ) هل تعني انك لا تشبهني ؟
رجل 4 : من قال لك ذلك .. من قال لك أننا جميعا لا نشبهك ؟
رجل 1 : ماذا تقصد ؟
رجل 4 : لست وحدك من يترك آماله ، وأحلامه ، وأهدافه ..
ويتوقف في منتصف الطريق …. دون أن يصل إلى مناه ..
لست وحدك من تذهب أيامه وتضحياته في مهب الريح ..
رجل 1 : ماذا تقصد ؟ .. هل تقصد انك رفعت الراية البيضاء مثلي ؟
رجل 4 : لست وحدي ..
رجل 1 : لست وحدك ؟
رجل 4 : الجميع هنا رفع الراية البيضاء .. ليس مرة واحدة .. بل عشرات المرات
جميع من قابلتهم وتقابلهم يرفعون ألف راية .. الجميع هنا ذاق مرارة
الهزيمة ، وتوقف مرات ومرات ، حتى صبغت وجوههم .. وأرواحهم
بتفاصيل الضياع ، وخالطت أنفاسهم روائح من الحزن ، والبكاء الصامت
والصراخ الخفي .. الجميع هنا تعودوا الهزيمة والاستسلام ..
رجل 1 : ولكني لم أكن أرى ذلك ؟
رجل 4 : ( باستهزاء ) ربما .. ربما كنت بحاجة إلى ارتداء نظارات طبية ..
( يضحك طويلا بألم .. ثم يخرج )
رجل 1 ينظر يمينا وشمالا ..
يدخل رجل 2 ينظر إلى رجل 1 .. ورجل 1 يحدق به .. ثم يخرج رجل 2
يدخل رجل 3 ينظر إلى رجل 1 .. ينظر رجل 1 إلى رجل 3 .. ثم يخرج رجل 3
رجل 1 يبقى لوحده .. يقف في منصف المسرح
رجل 1 : ( يلوح بالرايتين معا ) أنا مستسلم .. أنا أصبحت مثلكم ..
ستار
دينيزلي / تركيا
18/4 / 2011